الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما هي أهداف النظام السوري وداعميه من التصعيد في درعا جنوبي سوريا؟ 

ما هي أهداف النظام السوري وداعميه من التصعيد في درعا جنوبي سوريا؟ 

15.08.2021
ديلي صباح


ديلي صباح 
السبت 14/8/2021 
تشهد محافظة درعا، في جنوب سوريا، تصعيداً عسكرياً من قوات النظام والميليشيا الإيرانية والقوات الروسية يرافقه حصار يفاقم الأوضاع الإنسانية سوءاً. 
وكانت الفصائل المعارضة للنظام السوري في درعا توصلت إلى تسوية استثنائية برعاية روسية منذ ثلاث سنوات. 
فما الذي تغير اليوم، وماذا يحصل في محافظة درعا وتحديدا المدينة، مركز المحافظة، وما الذي ينتظرها؟ 
- ما هي خاصية درعا؟ 
شكلت محافظة درعا الحدودية مع الأردن وإسرائيل مهد الاحتجاجات التي اندلعت في العام 2011 ضد النظام السوري، وشرارة "الثورة" التي ما لبثت أن عمّت معظم الأراضي السورية وووجهت بالقمع. 
ومع تطوّر الاحتجاجات إلى نزاع دام، سيطرت فصائل المعارضة على المحافظة. 
في العام 2018، وبعد سيطرة قوات النظام على معاقل بارزة للمعارضة مثل حلب (شمال) والغوطة الشرقية (قرب دمشق)، حاولت التقدم نحو درعا. 
لكن وعلى خلاف باقي معاقل المعارضة التي شهدت عمليات عسكرية وحصارات محكمة انتهت باتفاقات أجلي بموجبها المقاتلون المعارضون إلى شمال البلاد، حصلت تسوية في درعا رعتها موسكو وضعت حدا للعمليات العسكرية، لكن نصّت على أن يسلّم المقاتلون المعارضون سلاحهم الثقيل مع إمكانية الاحتفاظ بأسلحة خفيفة والبقاء في قراهم ومدنهم. ولم تنتشر قوات النظام في كل أنحاء المحافظة. 
ويتواجد المعارضون بشكل أساسي في الريفين الغربي والجنوبي. وتنقسم مدينة درعا بين "درعا البلد" في الجنوب، ويتواجد فيها المقاتلون، و"درعا المحطة" حيث تنتشر قوات النظام. 
ولعبت خصوصية درعا السياسية كونها محاذية للأردن الذي يسعى الى تجنيب أراضيه تداعيات النزاع، وللجولان المحتل من إسرائيل التي تخشى انتشارا لمجموعات إيرانية تقاتل الى جانب قوات النظام قرب مواقعها، دوراً في إتمام التسوية بضمانة روسيا. 
- ماذا يحصل على الأرض؟ 
خلال ثلاث سنوات وبرغم اتفاق التسوية، طغت الفوضى الأمنية على المشهد في درعا، من تفجيرات وعمليات إطلاق نار ضد قوات النظام أواغتيالات طالت موالين أو معارضين سابقين أو حتى مدنيين يعملون لدى مؤسسات حكومية، في وقت انتشر السلاح في كل مكان. 
وخرجت في المحافظة تظاهرات عدة ضد النظام، آخرها احتجاجات في درعا البلد ضد الانتخابات الرئاسية في أيار/مايو. ورفع المحتجون وقتها شعارات شبيهة بتلك التي هتفوا بها قبل عشر سنوات، مطالبة بإسقاط النظام، ورفضت لجنة درعا البلد وضع صناديق اقتراع في أحيائها. 
ومنذ 2018، تشهد المحافظة بين الحين والآخر مواجهات بين قوات النظام والمقاتلين المعارضين. 
في نهاية تموز/يوليو، اندلعت في مناطق متفرقة من المحافظة بينها مدينة درعا مواجهات هي "الأعنف" في ثلاث سنوات، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي وثق مقتل 32 شخصاً، بينهم 12 مدنياً و11 مقاتلاً وتسعة عناصر من قوات النظام. 
واستمرت المواجهات يومين، وتقدّمت قوات النظام في مزارع محيطة بأحياء درعا الجنوبية، قبل أن تتراجع حدة المواجهات مع بدء مفاوضات برعاية روسية تهدف للتوصل إلى اتفاق لإجلاء عشرات المقاتلين من درعا البلد. 
ويقول الناشط المعارض عمر الحريري من مكتب "توثيق الشهداء في درعا"، إنه برغم تراجع العمل العسكري "تقوم قوات النظام بتحركات بشكل شبه يومي، خصوصاً في الليل، لاستنزاف المقاتلين الذين لا يملكون سوى السلاح الخفيف". 
ولم تلجأ قوات النظام حتى الآن إلى السلاح الجوي. 
- لماذا الآن وما هي الاحتمالات؟ 
يُرجّح سكان وناشطون أن يكون أحد أسباب التصعيد العسكري سعي النظام "للانتقام" من درعا التي لا يزال سكانها يخرجون في تظاهرات ضده. 
ويقول الحريري "يوجد في درعا البلد مطلوبون كثر من النظام (...) فضلاً عن أن الاغتيالات لم تهدأ ضد أتباعه"، مشيراً إلى أن أحد شروط النظام "هو خروج أصحاب أسماء معينة من المحافظة وإرسالهم إلى الشمال". 
ويرى المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة محّمد العبد الله من جهته أنه "لطالما كانت لدى الإيرانيين رغبة بتعزيز نفوذهم أكثر في الجنوب لقربه من إسرائيل، وهم من يدفع قوات النظام والفرقة الرابعة اليوم بشكل خاص". 
ويتواجد الإيرانيون بشكل واسع في جنوب سوريا، إلا أن تواجد روسيا في درعا يضبط نفوذهم. 
وتسعى روسيا إلى نشر "الفيلق الخامس" في درعا البلد، وهو فصيل في جيش النظام السوري تدعمه روسيا ويضم مقاتلين معارضين سابقين من درعا أساساً. 
وتستخدم روسيا، وفق العبد الله، سياسة "نحن أو النظام" للضغط على سكان درعا البلد الذي يرفضون أن يسلّم المقاتلون أسلحتهم الخفيفة. 
ويوضح العبد الله أن ما يحصل في درعا هو "مَثَل على التنافس بين الإيرانيين والروس على مناطق النفوذ في سوريا". 
لكن ماذا ينتظر درعا؟ يبدو أن أهلها مضطرون لاتخاذ قرار صعب. 
يقول الحريري "نحن أمام خيارين: انتشار الفيلق الخامس ولجم روسيا لقوات النظام، أو أن يقوم النظام فجأة باقتحام واسع". 
- ماذا بالنسبة للوضع الإنساني؟ 
فرّ نحو 24 ألف شخص من أصل 55 ألفاً يقطنون درعا البلد منها، ولجأ غالبيتهم إلى مناطق أخرى في المدينة نفسها أو محيطها، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. 
وخلال الأسابيع الماضية، أحكمت قوات النظام تدريجياً الخناق على "درعا البلد". ولم يعد بإمكان السكان، وفق الأمم المتحدة، سوى عبور طريق واحد مشياً على الأقدام ما يعرضهم "لإجراءات تفتيش أمنية صارمة". 
ويشرح أبو الطيب، أحد سكان درعا البلد وناشط إعلامي، "أحياناً لا يُسمح سوى للنساء والأطفال بعبور الطريق، وأحياناً يغلقونه تماماً". 
ويشير إلى انقطاع مادة الطحين تماماً من درعا البلد، و"قطع النظام المياه عن الخزان الرئيسي" وسط انقطاع للتيار الكهربائي. 
ويقول "ندبر أمورنا بإمكانات بسيطة".